من اثنين؛ لأن هذا بمعنى سبقوا، والأول بمعنى المسابقة (¬1) هذا كلامه ويدل على صحته قول أبي إسحاق (¬2): عدلوا عن الطريق [في هذه الآية] (¬3) ومعنى عدلوا عن الطريق ما ذكره الأزهري: جازوا الصراط وخلفوه.
ويدل على صحة القول الثاني ما ذكره عطاء عن ابن عباس في هذه الآية قال: إن الأسود بن عبد الأسود أخذ حجرًا وجماعة من بني مخزوم معه ليطرحوه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي، فطمس الله بصره وألصق الحجر بيده، فما أبصر ولا اهتدى (¬4). ومعنى الاستباق في هذا القول ما ذكروا في القول الأول معناه: فاهتدوا الطريق.
قال الكلبي: فاستبقوا إلى الصراط المستقيم (¬5). وفي هذا القول عدول عن الظاهر؛ لأن قوله: {لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} يقتضي طمس الأعين الظاهرة مع أنه ليس يليق بما بعده، وهو قوله (¬6):
67 - {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا}. قال ابن عباس: يريد لمسخت أبا جهل وكل من معه، على مكانتهم: يريد بالموضع الذي كانوا فيه قعودًا (¬7).
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" 8/ 418 (شق).
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 4/ 193.
(¬3) ما بين المعقوفين زيادة من (أ).
(¬4) انظر: "القرطبي" 15/ 50.
(¬5) لم أقف عليه عن الكلبي، وقد ذكر القرطبي نحوه عن ابن عباس 15/ 49، وابن الجوزي في "زاد المسير" 7/ 32 وقال: روى عن جماعة منهم مقاتل.
(¬6) في (ب): (واو) زائدة، (وقوله)، وهو خطأ.
(¬7) انظر: "الطبري" 23/ 29، "الماوردي" 5/ 26، "معاني القرآن" للنحاس 5/ 514.