كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 18)

أنكسه (¬1). وقد ذكرنا معنى النكس عند قوله: {ثُمَّ نُكِسُوا} [الأنبياء. 65] (¬2). قال الأخفش: ننكسه هو كلام العرب، ولا يكادون يقولون: نكسته، إلا لما يقلب فيجعل (¬3) رأسه أسفله (¬4). قال مقاتل: يعني أدرك العمر (¬5).
وقال أبو إسحاق: من أطلنا عمره نكسنا خلقه، فصار بدل القوة ضعفًا وبدل الشباب هرمًا (¬6). وهذا معنى قول قتادة: هو الهرم يتغير بصره وقوته، كما رأيت قوله في رواية معمر (¬7). وهذا عام في كل من يهرم، تتراجع قوته ويتغير عما كان عليه في شبابه.
وقال الكلبي (¬8): من نعمره حتى يدركه الهرم يرده في الخلق الأول الذي كان لا يعقل فيه شيئًا. وروي ذلك عن قتادة (¬9) قال: ننكسه في الخلق لكي لا يعلم بعد علم شيئًا، يعني: الهرم. وهذا لا يعم؛ لأنه ليس كل من عمر صار إلى الفند، على أن ابن عباس خص الآية بالكافر فقال في رواية
¬__________
(¬1) انظر: "الطبري" 23/ 27، "الحجة" 6/ 45.
(¬2) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية 3/ 246 أ.
(¬3) في (ب): (فنجعل).
(¬4) انظر: "الحجة" 6/ 45، "الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها" 2/ 220.
(¬5) لم أقف على قول مقاتل، وليس هو في "تفسيره".
(¬6) "معاني القرآن وإعرابه" 4/ 293.
(¬7) انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 145،"الطبري" 23/ 26، "معاني القرآن" للنحاس 5/ 514.
(¬8) لم أقف على قول الكلبي. وذكر ابن أبي حاتم في "تفسيره" 10/ 3200 نحوه عن قتادة.
(¬9) انظر: "مجمع البيان" 8/ 674، "القرطبي" 15/ 51.

الصفحة 516