كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 18)

رم (¬1) وبلي فأنزل الله [وقوله] (¬2): {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} يعني: ألا يرى أنه مخلوق من نطفة ثم هو يخاصم، وهذا تعجب من جهله وإنكار عليه خصومته، أي: كيف لا يتفكر في بدء خلقه حتى يدع خصومته (¬3). وهذا كقوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [النحل: 4]. وقد مر تفسيره.

78 - ثم أكد الإنكار عليه بقوله: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا}. قال مقاتل (¬4): وصف لنا شبها، يعني: أنه ضرب المثل في إنكار البعث بالعظم الحائل، ففته وبذره وينكر إحيائه بعد بلائه ويتعجب ممن يقول: إن الله يحييه. فهذا معنى ضرب المثل هاهنا، وهو أنه بين بما فعله إنكار البعث واعتقداه في استحالة الإعادة، وكان ذلك ضرب مثل الله. أي: فإن قدر على الإحياء والإعادة فليحي هذا العظم.
قوله تعالى: {وَنَسِيَ خَلْقَهُ}. قال مقاتل: يقول: وترك النظر في خلق نفسه ءأذا خلق من نطفة ولم يك قبل ذلك شيئاً (¬5). ثم بين أيش (¬6) كان ذلك
¬__________
(¬1) في (ب): (ورمى).
(¬2) ما بين المعقوفين غير مثبت في (أ).
(¬3) هذه الأقوال التي ذكرها المؤلف رحمه الله فيمن نزلت هذه الآية هي بعض مقاله المفسرون. وقد قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" 3/ 581 بعد أن ذكر الأقوال: وعلى كل تقدير سواء كانت هذه الآيات قد نزلت في أبي بن خلف أو العاص بن وائل أو فيهما، فهي عامه في كل من أنكر البعث، والألف واللام في قولى تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ} للجنس، فيعم كل منكر للبعث. اهـ.
(¬4) "تفسير مقاتل" 109 أ.
(¬5) المصدر السابق.
(¬6) أصل الكلمة: أي شيء.

الصفحة 526