138 - {وَبِاللَّيْلِ}، أي: غدوة وعشيًا، تارة تمرون على ديارهم نهارًا وتارة ليلاً. وهي ما بين مكة والشام، هذا قول ابن عباس ومقاتل (¬1). وتم الكلام هاهنا ثم قال: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} فتعتبرون.
قوله تعالى: {إِذْ أَبَقَ} الكلام في إذ كما ذكرنا في القصتين قبل هذه. وأبق من إباق العبد، وهو هربه من سيده. قال مقاتل: يعني إذ فر (¬2). وقال عبد الله: عبد أبق من ربه. ونحو هذا قال ابن عباس (¬3).
قال المفسرون: كان يونس قد وعد قومه العذاب، فلما تأخر عنهم العذاب خرج كالمنشوز عنهم، فقصد البحر وركب سفينة (¬4)، فذلك قوله: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} ونحو هذا قوله: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] وقد مر الكلام فيه مستقصى.
وقال أهل المعاني: يَفِرُ من ربه كما يَفِرُ العبد من سيده لأنه يعلم أن ربه يقدر عليه أين ما كان من بر وبحر، ولكنه بذهابه إلى الفلك كالفار من مولاه فقال: {أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ} فزع إليه (¬5).
قال المبرد: تأويل ابن تباعد أي ذهب (¬6) إليه، ومن ذلك قولهم: عبد آبق.
قوله تعالى: {إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} مفسر في سورة يس (¬7). قال
¬__________
(¬1) لم أقف عليه عن ابن عباس. وانظر: "تفسير مقاتل" 113 ب.
(¬2) "تفسير مقاتل" 113ب.
(¬3) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص 378.
(¬4) انظر: "تفسير الثعلبي" 3/ 252 ب، "البغوي" 4/ 42.
(¬5) لم أقف عيه.
(¬6) انظر: "القرطبى" 15/ 122، "زاد المسير" 7/ 86.
(¬7) آية 41.