كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 19)

قال: هو كذلك وجب والله، ونزل والله، فهي جواب لقوله: {وَالْقُرْآنِ} كما تقول: نزل والله) (¬1).
وذكر النحاس وغيره من المعاني (¬2) وجهًا (¬3) آخر في جواب القسم، وهو أنه محذوف بتقدير: {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} ما الأمر كما يقول هؤلاء الكفار، ودل على المحذوف قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا}. قال: وهذا القول مذهب محمد بن جرير (¬4) وهو مستخرج من قول قتادة، وهو قول حسن.
وشرح صاحب النظم هذا القول فقال: بل دافع لخبر قبله ومثبت لخبر بعده، فقد ظهر ما بعده. وأضمر ما قبله. وما بعده دليل على ما قبله فالظاهر يدل على الباطن، وإذا كان كذلك وجب أن يكون قوله: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} مخالفًا لهذا المضمر، فكأنه قيل: والقرآن ذي الذكر إن الذين كفروا يزعمون أنهم على الحق وكلامًا في هذا المعنى. فهذه ستة أوجه ذكرناها في جواب القسم (¬5).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" 2/ 396.
(¬2) لعل صحة الكلام: وغيره من أهل المعاني.
(¬3) "معاني القرآن" للنحاس 6/ 76، "معاني القرآن" للفراء 2/ 397، "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 4/ 319.
(¬4) "تفسير الطبري" 23/ 119.
(¬5) ولعل الأرجح منها -وهو ما سبق ترجيحه- قول قتادة، وهو أن الجواب قوله: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا}. وإن كان القول السادس -وهو ما قال به النحاس وأهل المعاني- مستخرجاً من قول قتادة كما يقول المؤلف، فهو قول قوي ومقبول أما الأقوال الأخرى ففيها بعد. أما القول الأول: وهو أن الجواب قوله: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} فبعده لطول الفاصل بين القسم والجواب كما أسلفنا. وأما الثاني: وهو أن الجواب قوله: {كَمْ أَهْلَكْنَا} فبعيد للفاصل أيضًا، وإن كان الفاصل قليلاً، إلا =

الصفحة 141