كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 19)

ولا يصيبهم منها وجع (¬1).
قوله: {وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} وقرئ بكسر الزاي. قال الفراء: (من كسر الزاي فله معنيان، يقال أنزف الرجل إذا فنيت خمره، وأنزف إذا ذهب عقله من السكر. ومن فتح الزاي فمعناه: لا تذهب عقولهم أي لا يسكرون، يقال نزف الرجل فهو منزوف (¬2) ونزيف).
ونحو هذا قال أبو إسحاق في من فتح، وقال في قراءة من كسر الزاي لا يُنفِدون شرابهم وهو دائم أبدًا لهم قال: ويجوز أن يكون يُنزفون يسكرون، وأنشد هو وأبو عبيدة وغيرهما فقال:
لعمري لئن أنزفتمُ أو صحوتمُ ... لبئس الندامى كنتم آل أبجرا (¬3) (¬4)
وحقق أبو علي الكلام في هذه الآية فقال: (أنزف الرجل على معنيين: أحدهما: أنه يراد به السكر، وأنشد البيت وقال: ومقابلته له بصحوتم يدل على أنه يراد به سكرتم، والآخر: أنزف إذا نفد شرابه والمعنى: صار ذا نفادٍ لشرابه، كما أن الأول معناه النفاد في عقله، فقول من كسر الزاي يجوز أن يراد به لا يسكرون عن شربها، ويجوز أن يراد به لا
¬__________
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 4/ 303.
(¬2) "معاني القرآن" 2/ 385.
(¬3) في (ب): (آل بجرا).
(¬4) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 4/ 303، "مجاز القرآن" 2/ 169.
والبيت من الطويل مختلف في نسبته فهو للأبيرد والرياحي في "مجاز القرآن" 2/ 269، "الصحاح" 4/ 1431 (نزف)، "اللسان" 9/ 327 (نزف)، "المحرر الوجيز" 4/ 472. وللحطيئة في "تفسير الثعلبي" 3/ 241 أ، والقرطبي 15/ 79. وللأسود في "الدر المصون" 5/ 501. وبلا نسبة في "تهذيب اللغة" 13/ 226، "علل القراءات" 2/ 318، "المحتسب" 2/ 308.

الصفحة 47