كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

معنى الذكر هاهنا، فقال أبو صالح ومجاهد: يعني: ذكر العذاب، والمعنى: يكذبون بالقرآن ولا يعاقبون (¬1).
قال أبو إسحاق: المعنى: أفنضرب عنكم ذكر العذاب بأن أسرفتم، قال: والدليل على أن المعني هذا قوله: {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا} (¬2) وعلى هذا ضَرْب الذكر: رده وكفه، واختيار الفراء على هذا القول، وقال: المعنى: أفنضرب عنكم ذكر الانتقام منكم والعقوبة لكم, لأن كنتم قومًا مسرفين (¬3).
وقال آخرون: معنى: الذكر هاهنا القرآن والتذكير به، قال ابن عباس: يريد: الضرب عنكم الموعظة (¬4)، وقال الكلبي: يقول الله لأهل مكة: أفنترك عنكم الوحي صفحًا فلا نأمركم بشيء ولا ننهاكم (¬5) ولا نرسل إليكم رسولاً أن كنتم قومًا مشركين، المعنى على هذا: أفنمسك عن إنزال القرآن ونتركه من أجل أنكم لا تؤمنون به (¬6)، وهذا معنى قول قتادة: والله لو كان هذا القرآن رُفع حين ردَّه أوائل هذه الأمة لهلكوا, ولكن الله برحمته كرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة (¬7).
¬__________
(¬1) أخرج ذلك الطبري 13/ 49، وانظر: "تفسير الماوردي" 5/ 216، "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 62.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 206.
(¬3) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 27 ونص عبارته: والعرب تقول: قد أضربت عنك وضربت عنك، إذا أردت به: تركتك وأعرضت عنك.
(¬4) لم أقف عليه، وكذا رسمها في الأصل، ولعل الصواب: نضرب أو أضرب.
(¬5) ذكر ذلك الثعلبي 10/ 79 أ، والبغوي 7/ 256، وأبو حيان 8/ 6 عن الكلبي.
(¬6) انظر: "تفسير الطبري" 13/ 49، "البغوي" 7/ 206، "الجامع" للقرطبي 16/ 62.
(¬7) أخرج ذلك الطبري 13/ 49 عن قتادة، ونسبه البغوي 7/ 206 لقتادة.

الصفحة 10