قال الأزهري: أفنعرض عن تذكيركم إعراضًا من أجل إسرافكم في كفركم (¬1).
وقال أبو إسحاق مثل هذا القول أي: أنهملكم فلا نعرفكم ما يجب عليكم لأن أسرفتم (¬2)، والاختيار هذا القول، وهو قول ابن زيد واختيار الجبائي (¬3) لأنه أليق بما بعده من قوله: (أن كنتم قومًا مسرفين) (¬4)، وقرئ {إِنْ كُنْتُمْ} بكسر الهمزة وفتحها، فمن فتح فالمعنى: لأن، والكسر على أنه جزاء استغني عن جوابه بما تقدمه، مثل: أنت ظالم إن فعلت، كأنه قال: إن كنتم قومًا مسرفين نضرب (¬5).
وقال أبو إسحاق: من كسر فعلى معنى الاستقبال، على معنى: إن تكونوا مسرفين، وقرئ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ} (¬6)، وقال الفراء: ومثله {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ} [المائدة: 2] و (أن صدوكم) بالكسر والفتح وأنشد:
¬__________
(¬1) انظر: "تهذيب اللغة" (صفح) 4/ 257.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 406.
(¬3) هو: محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي أبو علي من أئمة المعتزلة ورئيس علماء الكلام في عصره وإليه نسبة الطائفة (الجبائية) مات سنة ثلاث وثلاثمائة، انظر: "وفيات الأعيان" 1/ 480، "البداية والنهاية" 11/ 125، "الأعلام" 6/ 256.
(¬4) لم أقف عليه.
(¬5) انظر: "تفسير الطبري" 13/ 50، "إعراب القرآن" للنحاس 4/ 98، "الحجة" لأبي علي 6/ 138.
(¬6) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 405.