أَتَجْزعُ إِنْ أُذْنَا قُتَيْبَةَ حُزَّتا ... جِهَارًا وَلَم تَجْزَعْ لِقَتْلِ ابن خَازِمِ (¬1)
قال: وفي قوله: {أَنْ صَدُّوكُمْ} {أَنْ} الفتح والكسر (¬2) واختار أبو عبيد النصب، وقال: لأن الله تعالى عاتبهم على ما كان منهم، وعلمه قبل ذلك من فعلهم (¬3). ثم عزى نبيه بقوله:
6 - 8 - {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (7) فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} [الزخرف: 6 - 8].
قال ابن عباس: يريد أشد من قومك بطشًا (¬4)، ويعني: بالأشد بطشًا الأولين الذين ذكر أنه أرسل فيهم الرسول فاستهزؤا به فأهلكهم الله، وهم كانوا أشد بطشًا من قريش.
قال ابن عباس: يعني: أكبر عددًا وأظهر جَلدًا (¬5)، ونظم الكلام
¬__________
(¬1) البيت للفرزدق انظر: "ديوانه" 855، "الخزانة" 3/ 655، "شرح شواهد المغني" 1/ 86، وهو من قصيدة يمدح فيها سليمان بن عبد الملك ويهجو جريرًا وقتيبة هو: قتيبة بن مسلم الباهلي القائد المشهور، وأما ابن خازم فهو: عبد الله بن خازم السلمي أمير خراسان من قبل ابن الزبير، والشاهد فيه كسر (إن) وحملها على معنى الشرط، وقد ورد البيت في "تفسير الطبري" 13/ 50، "الدر المصون" 6/ 92.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 27.
(¬3) ذكر ذلك الثعلبي 10/ 79 ب، والشوكاني في "فتح القدير" 4/ 548 عن أبي عبيد، وذكره بهذا اللفظ القرطبي 13/ 63 ولكن نسبه لأبي عبيدة فلعله تصحيف (عبيد).
(¬4) ذكر ابن الجوزي أن المراد: قريش، ولم ينسبه، انظر: "زاد المسير" 7/ 303، وقال البغوي 7/ 206: أي: أقوى من قومك، وقال القرطبي: الكناية في {مِنْهُمْ} ترجع إلى المشركين المخاطبين بقوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} فكنى عنهم بعد أن خاطبهم 16/ 63.
(¬5) قال القرطبي 16/ 64: أقوى من هؤلاء المشركين في أبدانهم وأتباعهم. ولم ينسبه.