كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

وقال بعض أهل المعاني: هذا على معنى النقيض، كأنه قيل إنك أنت الذليل المهان (¬1)، وهذا كما خاطب قوم شعيبًا: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] يعنون السفيه الجاهل، وقد مر، وقرأه العامة (إنك) بكسر الألف على الابتداء، وقرأ الكسائي بالفتح على معنى: ذق بأنك، أي: هذا القول الذي قلته في الدنيا، قاله الفراء وأبو علي (¬2)، وعلى هذا الواقع عليه يضمر على تأويل: ذق العذاب، وكذلك هو في قراءة العامة (¬3).
وقال صاحب النظم: من فتح الهمزة كان قوله: {ذُقْ} واقعًا على تأويل: ذق، وقال هذا القول وجزاؤه (¬4)، وقال مقاتل: فلما ذاق العذاب قال الملك الخازن: إن هذا العذاب ما كنتم به تمترون يعني: تشكون في الدنيا أنه غير كائن والمعنى تكذبون به (¬5)، كقوله: {فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا} [الزخرف: 61] وقد مر قبل.

51، 52 - ثم ذكر مستقر المتقين فقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الدخان: 51] قال ابن عباس: يريد: أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في خلود دائم (¬6)، وعلى هذا المعنى: أنهم قد أمنوا الشخوص، وقال مقاتل: أمينٍ
¬__________
(¬1) انظر: "مشكل إعراب القرآن" لمكي 2/ 291.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 43، و"الحجة" لأبي علي 6/ 167.
(¬3) انظر: كتاب "السبعة في القراءات" لابن مجاهد ص 593، والكشف عن وجوه القراءات لمكي 2/ 2658، و"تحبير التيسير" لابن الجزري ص 179، و"الدر المصون" 6/ 118.
(¬4) يظهر أن فيه سقطاً ولكن كتاب "نظم القرآن" مفقودًا, ولم أتوصل إلى النص فيما لدي من مراجع.
(¬5) انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 825.
(¬6) لم أقف عليه.

الصفحة 122