كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

يوجب أن يكون التقدير: فأهلكناهم، يعني الأولين، فحذف مفعول الإهلاك لدلالة الكلام عليه: {أَشَدَّ مِنْهُمْ} منتصب على الحال، وفيه تخويف لكفار مكة، والكناية في (منهم) تعود إلى المشركين الذين خاطبهم بقوله: (أفنضرب عنكم الذكر صفحًا)، كنى عنهم بعد أن خاطبهم (¬1).
قوله تعالى: {وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} قال الكلبي: سنة الأولين ممن أهلك، وهو قول مجاهد (¬2).
قال مقاتل: يعني: سنة الأولين في العقوبة حين كذبوا رسلهم (¬3).
وقال قتادة: عقوبة الأولين (¬4).
وقال ابن عباس: يريد: وسبق ما أنزل الله في القرون الأولين قوم نوح وعاد وثمود (¬5)، وعلى هذا معنى الآية: وسبق ما أنزلنا في إهلاكهم، وهو مَثَلٌ ضربناه لهم، وتقدير الكلام: مثل الأولين لهم.
قال أهل المعاني (¬6): ومضى مثل الأولين لهؤلاء الباقين، أي: أنهم قد سلكوا في الكفر والتكذيب مسلك من كان قبلهم، فليحذروا أن ينزل بهم من الخزي ما نزل بهم، فقد ضربنا لهم مثلهم كما قال: {وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ} [الفرقان: 39]، وكقوله: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا
¬__________
(¬1) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 63.
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" 13/ 51، "تنوير المقباس" ص 489.
(¬3) انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 789.
(¬4) "تفسير الطبري" 13/ 51 فقد أخرجه عن قتادة، ونسبه القرطبي لقتادة، انظر: "الجامع" 16/ 64.
(¬5) لم أقف عليه، وكذا رسمها في الأصل، ولعل الصواب: (الأولى).
(¬6) لم أقف عليه.

الصفحة 13