كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

النظم: أخبر الله عما يقول الكفار إذا سئلوا عمن خلق السموات والأرض (¬1)، ابتدأ -عز وجل- وصف نفسه غير حاكٍ ذلك عن الكفار فقال: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا}، ولو كان منتظمًا بما قبله من كلام الكفار لوجب أن يكون نظمه: الذي جعل لنا الأرض، والمعنى العزيز العليم الذي أوموا إليه أنه خلقهن هو الذي جعل لكم الأرض مهادًا، قال: ونظيره من كلام الناس: أن يسمع الرجل رجلاً يقول: الذي بني هذا المسجد فلان العالم، فيقول السامع لهذا الكلام: الزاهد الكريم، كأنه عرفه فزاد في وصفه، فيكون النعتان جميعًا لرجل واحد من رجلين مختلفين، وكذلك قوله -عز وجل-: {الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} صفة من صفات الله محكية عن الكفار.
قوله: {الَّذِي جَعَلَ} صفة من صفاته أضافها -عز وجل- إلى الصفة التي حكاها عن الكفار؛ لأنها حق، وإن كان من كلام الكفار، وتفسير هذه الآية قد سبق في سورة طه [آية 53].
وقوله: {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فيه قولان: أحدهما: تهتدون في أسفاركم إلى مقاصدكم، وهذا قول الحسن ومقاتل، والثاني: لتهتدوا إلى الحق [في بالاعتبار] (¬2) الذي جعل لكم، وهذا معنى قول ابن عباس (¬3).

11 - قوله: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} قال ابن عباس: يريد
¬__________
= في زيادة الألف ونقصانها هاهنا في [الزخرف: 10]، ولم يختلفوا في غيرها. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر {مِهْادًا} بالألف في كل القرآن، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: {مَهْدًا} بغير ألف فيها. انظر: "الحجة" 5/ 223.
(¬1) كذا رسمها في الأصل، ولعله سننه لفظ: (ثم).
(¬2) كذا رسمها في الأصل ولعل المراد: (فيه بالاعتبار).
(¬3) انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 790، "تفسير الماوردي" 5/ 23، "تفسير ابن عطية" 14/ 243، "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 64

الصفحة 15