كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

واستأثر فلان بكذا، إذا اختص به دون غيره (¬1)، ومنه قول الأعشى:
استأثَرَ اللهُ بالوَفَاءِ وبـ ... الحَمْدِ وولَّى الملامَةَ الرَّجُلا (¬2)
ويقال لفلان: أثرة بكذا أو أثارة، أي اختصاص، ويؤكد ما قلناه قراءة السلمي والحسن (أو أَثَرةٍ من علم) (¬3)، والمعنى على هذا: ائتوني بعلم تنفردون به دوننا، فإنا لا نعلم أن لله شريكًا، وهذا وجه حسن، وروى أبو سلمة (¬4) عن ابن عباس والشعبي أيضًا عنه في قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قال: هو علم الخط (¬5)، وهو خط كان تخطه العرب في الأرض.
وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه، عَلِمَ عِلْمَه" (¬6). والمعنى على هذا: ائتوني بعلم من قبل الخط الذي
¬__________
(¬1) انظر: "تهذيب اللغة" (أثر) 15/ 122، و"اللسان" (أثر) 4/ 8، و"معاني القرآن" للنحاس 6/ 440.
(¬2) انظر: "شرح المعلقات العشر" ص 137، و"اللسان" (أثر) 4/ 8.
(¬3) ذكره هذه القراءة الكلبي في "تفسير" 10/ 106 ب، والماوردي في "تفسيره" 5/ 271، والقرطبي في "الجامع" 16/ 182، وأبو حيان في "البحر المحيط" 8/ 55، وهي بفتح الهمزة والثاء.
(¬4) هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
(¬5) أخرج ذلك الحاكم عن أبي سلمة عن ابن عباس، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. انظر: "المستدرك" التفسير 2/ 454. كما أخرج رواية الشعبي عن ابن عباس وقال: هذه زيادة عن ابن عباس في قوله -عز وجل- غريبة في هذا الحديث، وسكت عنه الذهبي 2/ 454.
(¬6) أخرج مسلم في "صحيحه" عن معاوية بن الحكم السلمي في حديث طويل، وفيه قال: قلت: ومنا رجال يخطون قال: "كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك"، انظر: "صحيح مسلم" كتاب المساجد، باب 7، تحريم الكلام في الصلاة .. 1/ 381، وفي كتاب السلام، باب 35، تحريم الكهانة وإتيان الكهان =

الصفحة 162