الكلام بالمفعول الأول، وكان التقدير: أتأمنون عقوبة الله أو ألا تخشون انتقامه (¬1)، ومثله من غير حذف المفعول الثاني قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ} [فصلت: 52]، وقوله. {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ} [القصص: 71] فالاستفهام في الآيتين هو المفعول الثاني لأرأيتم؛ لأنه بمعنى أخبروني، هذا هو الكلام وليس ما ذكره صاحب النظم بشيء. قوله: {إِنْ كَانَ} يعني القرآن {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} وقال ابن عباس في رواية عطاء: يريد عبد الله بن سلام، ونحو هذا روى الكلبي عنه أنه الشاهد من بني إسرائيل عبد الله بن سلام، وهو قول مجاهد وقتادة ومقاتل والضحاك وابن زيد والحسن (¬2)، وبه قال من الصحابة عوف بن مالك الأشجعي وسعد بن أبي وقاص.
ويؤكد ذلك ما روي في حديث مقتل عثمان أن عبد الله أتاه لينصره فخرج إلى الناس وقال: إنه قد نزل في آيات من كتاب الله نزلت فيَّ، وشهد من بني إسرائيل على مثله (¬3)، وذكر كلامًا طويلاً.
قوله: {عَلَى مِثْلِهِ} قال ابن عباس: يريد على ما جئتكم به (¬4)، قال
¬__________
(¬1) انظر: "المسائل الحلبيات" لأبي علي ص 77.
(¬2) انظر: أقوال هؤلاء في "تفسير الطبري" 13/ 2/ 10، 11، و"تفسير الماوردي" 5/ 273، و"تفسير مقاتل" 4/ 17، و"الجامع لأحكام القرآن" 16/ 188، و"تنوير المقباس" ص 503، و"البحر المحيط" 8/ 57.
(¬3) أخرج ذلك الترمذي في كتاب التفسير باب 47، ومن سورة الأحقاف 5/ 381. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
(¬4) لم أقف عليه.