كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

{حم} نزل بمكة (¬1)،ثم لم يأت للآية بوجه من التأويل صحيح غير الإنكار، على أن ابن سيرين قد قال في هذه الآية: كانت تنزل الآية فيؤمر أن توضع في سورة كذا، يعني: أن هذه الآية يجوز أن تكون نازلة بالمدينة وأمر أن توضع في سورة مكية (¬2).
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} قال ابن عباس: يريد قريظة والنضير (¬3)، وقال مقاتل: يعني اليهود (¬4)، قال أبو إسحاق: أعلم الله -عز وجل- أن هؤلاء المعاندين خاصة لا يؤمنون بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أي: قد جعل جزاءهم على كفرهم بعد ما تبين لهم الهدى، مَدَّهم في الضلالة (¬5).

11 - قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} قال ابن عباس في رواية عطاء: يعني من كفر من اليهود للذين آمنوا، يعني ابن سلام وأصحابه،
¬__________
(¬1) أخرج ذلك الطبري عن الشعبي ومسروق. انظر: "تفسيره" 13/ 2/ 9، وذكره الماوردي في "تفسيره" 5/ 273، والبغوي في "تفسيره" 7/ 255.
وهذا هو الوجه الذي رجحه ابن جرير الطبري قال: والصواب من القول في ذلك عندنا أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل لأن قوله {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} في سياق توبيخ الله تعالى ذكره مشركي قريش واحتجاجًا عليهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وهذه الآية نظيرة سائر الآيات قبلها, ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر فتوجه هذه الآية أنها نزلت فيهم .. 13/ 2/ 12.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للنحاس 6/ 444، وتفسير الفخر الرازي 28/ 10، و"الجامع لأحكام القرآن" 16/ 188.
(¬3) لم أقف عليه.
(¬4) انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 19.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 440.

الصفحة 170