كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

قوله: {لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} قال ابن عباس: أشركوا (¬1)، وقال مقاتل: يعني مشركي مكة (¬2).
وفي قوله (لينذر) قراءتان (¬3): التاء: لكثرة ما ورد من هذا المعنى بالمخاطبة كقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} [النازعات: 45] و {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] {لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 2] والياء لتقدم ذكر الكتاب، فأسند الإنذار إلى الكتاب كما أسند إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ}، {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} [الكهف: 1 - 2].
وقوله: {وَبُشْرَى}، قال إسحاق: الأجود أن يكون (وبشرى) في موضع رفع، المعنى: وهو بشرى للمحسنين. قال: ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى: لتنذر الذين ظلموا وتبشر المحسنين بشرى (¬4)، وزاد الفراء هذا الوجه بيانًا فقال: النصب على (لتنذر الذين ظلموا) وتبشر، فإذا وضعت في موضعه بشرى أو بشارة، نصبت، ومثله في الكلام: أعوذ بالله منك. وسَقْيًا لفلان، كأنه قال: وسقى الله فلانًا، وجئت لأكرمك وزيارة لك وقضاء لحقك، معناه لأزورك وأقضي حقك، فتنصب الزيارةَ والقضاءَ بفعل مضمر (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "تنوير المقباس" ص 503.
(¬2) انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 19.
(¬3) قرأ ابن نافع وابن عامر والبزي بالتاء، وقرأ الباقون بالياء. انظر: "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي 2/ 271، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص 662.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 441.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 52، والكشف والبيان للثعلبي 10/ 110 أ.

الصفحة 174