كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

قال المبرد: (مَا) في قوله: {فِيمَا} بمنزلة (الذي)، و (إِن) بمنزلة (ما) وتقديره: ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه (¬1)، ونحو هذا قال الكسائي والفراء (¬2)، والزجاج وزاد بيانًا فقال: (إن) في النفي مع (ما) التي في معنى (الذي) أحسن اللفظ من (ما) لاختلاف اللفظين (¬3).
وقال ابن قتيبة: معنى الآية: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} فزيدت (أن) (¬4)، فقال ابن الأنباري (¬5): وهذا غلط لأن كتاب الله -عز وجل- ليس فيه حرف لا معنى له، بل كل حرف يفيد فائدة ويزيد معنى، والعرب لا تزيد (إن) على (ما) إذا كانت بمعنى (الذي) والاستفهام والتعجب، بل يزيدونها عليها إذا كانت جحدًا على جهة التوكيد بها، فيقولون: ما إن قمت، وما إن لقيت عبد الله، يؤكدون الجَحْد "بإن" قال دريد ابن الصمة:
ما إنْ رأيتُ ولا سُمِعتُ به ... كاليَوْمِ طالي أَيْنُقٍ صُهْب (¬6)
أراد: ما رأيت، وقال لبيد:
غُودِرت بعدَهم وكنتُ بطُولِ صُحْبتِهِم ضَنِينَا ... ما إنْ رِأيْتُ ولا سَمِعْتُ بمِثْلِهِم في العَالَمِينا (¬7)
¬__________
(¬1) انظر: "الدر المصون" 6/ 142، و"تفسير الفخر الرازي" 28/ 29.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للفراء 6/ 56، و"إعراب القرآن" للنحاس 4/ 170.
(¬3) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 446.
(¬4) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة 2/ 130، و"تفسير غريب القرآن" ص 408.
(¬5) ذكر في "كتاب الاضداد" حول هذه الآية {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} معناه: في الذي قد مكناكم فيه. انظر: "كتاب الأضداد" ص 189.
(¬6) لم أقف عليه.
(¬7) لم أقف عليه.

الصفحة 196