اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} وهذا يدل على أنه لم ينصرهم من الله ناصر حين حلَّ بهم العذاب، وقولهم: {مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا} القربان: ما يتقَرَّبُ به إلى الله (¬1) وهو في الأصل مصدر، وقد مر (¬2)، قال ابن قتيبة: اتخذوهم آلهة يتقرب بها إلى الله (¬3).
قوله تعالى: {بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ} أي: اتخاذهم الآلهة دون الله كذبهم وافتراؤهم، و (اتخذوا) يدل على الاتخاذ.
29 - قوله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} قال المفسرون: لما أيس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قومه أهل مكة أن يجيبوه خرج إلى الطائف ليدعوهم إلى الإسلام، فلما انصرف إلى مكة فكان ببطن نخلة (¬4) قام يقرأ القرآن في صلاة الفجر مَرَّ به نفر من أشراف حسن نصيبين كان إبليس بعثهم ليعرف السبب الذي أوجب حراسة السماء بالرجم، فدفعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي فاستمعوا لقراءته، وهذا قول ابن عباس في رواية مجاهد والكلبي وقول عبد الله وسعيد بن جبير ومقاتل (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "تهذيب اللغة" (قرب) 9/ 124.
(¬2) {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} [المائدة: 27].
(¬3) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة 2/ 130.
(¬4) هي: قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة، ينهما الطرف على الطريق وهو بعد أبرق العزّاف للقاصد إلى مكة، انظر: "معجم البلدان" 1/ 449 - 450، وقال ابن حجر: هي موضع بين مكة وطائف. قال البكري: على ليلة من مكة وهي التي ينسب إليها بطن نخلة ووقع في رواية مسلم بنخل بلا هاء والصواب إثباتها، انظر: "فتح الباري" / 674.
(¬5) انظر: "تفسير الطبري" 13/ 2/ 30، و"تفسير مجاهد" ص 603، و"تنوير المقباس" ص 506 و"تفسير مقاتل" 4/ 27، و"الدر المنثور" 7/ 452، و"تفسير الوسيط" 4/ 115.