كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

وقال آخرون: بل أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينذر الجِنَّة ويدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم القرآن، فصرف إليه نفر من الجن ليستمعوا منه وينذروا قومهم، وهذا معنى قول قتادة (¬1)، واختلفوا في عدد النفر، فقال ابن عباس: كانوا سبعة (¬2)، وقال الكلبي ومقاتل (¬3): كانوا تسعة، وهو قول زر بن حبيش (¬4)، وقوله: {يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} من صفة النكرة، وهذا يدل على أنهم أتوا لاستماع القرآن؛ لأن المعنى: نفرًا مستمعين القرآن، أي طالبين سماعه، فهذا يدل على صحة القول الثاني.
قوله تعالى: {فَلَمَّا حَضَرُوهُ} إن عاد الضمير إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو من تلوين الخطاب، وإن عاد إلى القرآن وهو الظاهر، فالمعنى: فلما حضروا استماعه (¬5) قالوا: انصتوا، قال زر بن حبيش: قالوا صَهٍ (¬6)، وهو كلمة الإسكات.
¬__________
(¬1) انظر: "زاد المسير" 7/ 388، و"الجامع لأحكام القرآن" 16/ 212.
(¬2) أخرج ذلك الطبري عن ابن عباس، انظر: "تفسيره" 13/ 2/ 30، ونسبه في "الوسيط" لابن عباس، انظر: 4/ 115.
(¬3) انظر: "تنوير المقباس" ص 506، و"تفسير مقاتل" 4/ 27، ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد لابن عباس، انظر: 7/ 106، ونسبه في "الوسيط" للكلبي ومقاتل، انظر: 4/ 115.
(¬4) أخرج ذلك الطبري عن زر بن حبيش، انظر: تفسيره 13/ 2/ 31، ونسبه الهيثمي في "مجمع الزوائد" لزر بن حبيش وقال: رواه البزار ورجاله ثقات. انظر: "مجمع الزوائد" 7/ 106، وهو في "كشف الأستار" 3/ 68 عن زر.
(¬5) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 215، و"الدر المصون" 6/ 144.
(¬6) أخرج ذلك الطبري عن زر. انظر: "تفسيره" 13/ 2/ 33، وأخرجه الهيثمي في "كشف الأستار" عن زر. انظر: "كشف الأستار" 3/ 68.

الصفحة 199