كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

وذهب قوم إلى أنهم كما يعاقبون في الإساءة يجازون بالإحسان، وهو مذهب مالك وابن أبي ليلى (¬1) قال الضحاك: الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون (¬2).

33 - قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ} قال مقاتل (¬3): نزلت في أبي بن خلف الجمحي حين أنكر البعث، وقد مضت القصة في آخر سورة يس [آية: 77] (¬4).
واختلفوا في وجه دخول الباء في قوله: {بقادر} وهو خبر (أن) والباء لا تدخل في خبرها، فقال أبو عبيدة: مجازها قادر، والعرب تؤكد الكلام بالباء وهي مُسْتغنًى عنها (¬5).
وقال الأخفش: هذه الباء كالباء في قوله: {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [يونس: 29] وقوله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (¬6) [المؤمنون: 20] فعلى قولهما الباء زائدة مؤكدة.
¬__________
(¬1) ذكر ذلك الثعلبي في تفسيره. انظر: 10/ 120 أ، والبغوي في "تفسيره" 7/ 270، والقرطبي في "الجامع" 16/ 218.
(¬2) أخرج ذلك الثعلبي عن الضحاك. انظر المراجع السابقة.
وقال ابن كثير في تفسيره: والحق أن مؤمنيهم كمؤمني الإنس يدخلون الجنة كما هو مذهب جماعة من السلف، وقد استدل لهذا بقوله -عز وجل-: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}، وفي هذا الاستدلال نظر. وأحسن منه قوله جل وعلا: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} .. 6/ 305.
(¬3) انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 30.
(¬4) أخرج ذلك الطبري عن مجاهد. انظر: "تفسيره" 12/ 30، وأورده الواحدي في "أسباب النزول" ص 385، والبغوي في "تفسيره" 7/ 28.
(¬5) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 213.
(¬6) انظر: "معاني القرآن" للأخفش 2/ 694.

الصفحة 202