كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

الأشياء كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار (¬1)، وعلى ما قال أبو إسحاق {كمَن} في هذه الآية: بدل من قوله: {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} واختار صاحب النظم قول الفراء، وقال: الكاف في قوله: {كَمَن} تدل على مبتدأ قبله، ولم يجر له ذكر، وإنما جرى ذكر الجنة وصفتها، فكأنه -عز وجل- قال: أفمن هو في الجنة كمن هو خالد في النار، فدل الجواب على الابتداء (¬2).
قوله تعالى {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} قال مقاتل: ماء شديد الحر تستعر عليهم جهنم، فهي تغلي منذ خلقت السموات والأرض، فقطع أمعاءهم في الجوف من شدة الحر (¬3).
وروى أبو أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره" (¬4).
قال ابن عباس: وهذه الآية كقوله (¬5): {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} [الحج: 19] ونحو هذه الآية قوله: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ} [إبراهيم: 17] الآية، وقوله: {يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29] الآية، وواحد الأمعاء: مِعَى،
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 10.
(¬2) انظر: "تفسير ابن عطية" 15/ 60، "الدر المصون" 6/ 151.
(¬3) انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 47.
(¬4) أخرج ذلك الطبري عن أبي أمامة. انظر: "تفسيره" 13/ 50، "تفسير الوسيط" 4/ 123، وأخرجه الحاكم عن أبي أمامة. انظر: "المستدرك"، كتاب التفسير، تفسير سورة محمد -صلى الله عليه وسلم- 2/ 457، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(¬5) لم أقف عليه.

الصفحة 237