كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

قد غَدَا يَحْمِلُنِي أَنْفِهِ ... لاحِقُ الأيْطَلِ مَحْبُوكٌ مُمَرْ (¬1)
أي: في أول جريه، ومن هذا أنف الجبل، وأنف الإنسان، وأنف خف البعير، وقال أبو علي الفارسي: و (آنفا) من أنف، أي ابتدأ وهو غير مستعمل، وإن كان القياس يوجبه، وقد يجيء اسم الفاعل على ما لم يستعمل من الفعل نحو: فقير، جاء على فَقره، والمستعمل افتقر، وكذلك شديد، والمستعمل اشتد، فكذلك قوله: آنفاً، والمستعمل ائتنف (¬2).
وروى أحمد بن موسى بإسناده عن ابن كثير من طريق البزي: (أنِفاً) بالقمر (¬3)، وهذا يحمل على أنه توهمه، مثل: خادر وخدر، وفاكه وفكه، والوجه قراءة العامة، ويدل عليه قول الشاعر:
ويحرُمُ سِرُّ جَارَتِهم عليهم ... ويَأْكُلُ جَارُهُم أُنُفَ القِصَاعِ (¬4)
يريد: أنهم يؤثرونه بأفضل الطعام وأوله لا البقايا، وأُنُف جمع أَنْف بالمد، مثل: قَاتِل وقُتُلٍ، وبازلٍ وبُزُلٍ (¬5).
وذكر المفسرون في وجه سؤال المنافقين قولين: أحدهما: أنهم سألوا استهزاء منهم وإعلاماً أنهم لم يستمعوا إلى كلامه ولم يلتفتوا إلى ما قال، وهذا اختيار الزجاج (¬6)، القول الثاني: أنهم سمعوا كلامه ولم
¬__________
(¬1) انظر: "تهذيب اللغة" (أنف) 15/ 482، "اللسان" 9/ 14.
(¬2) انظر: "الحجة للقراء السبعة" 6/ 193.
(¬3) انظر: "الحجة" 6/ 192، "التذكرة في القراءات" لابن غلبون 2/ 683.
(¬4) البيت للحطيئة. انظر: "ديوانه" ص 62، "لسان العرب" (أنف) 9/ 13، و"الزاهر" 2/ 312.
(¬5) انظر: "الحجة للقراء السبعة" 6/ 194.
(¬6) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 10، "تفسير الماوردي" 5/ 298، و"زاد المسير" 7/ 402.

الصفحة 239