الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172]. وهذا من القرب في المنزلة والرفعة في الدرجة، وليس من قرب المسافة (¬1)، واختار أبو عبيد: (عباد الرحمن) قال: وفي ذلك تكذيب لقولهم بنات الله، أخبر أنهم عبيده وليسوا بناته (¬2)، واختار أبو حاتم: (عند الرحمن)، وقال: إن فيه مدحًا لهم.
وقال المبرد: هذه القراءة أنبأ عن صحة كذبهم مما اختاره القسم (¬3)، لأن المعنى أن الملائكة عنده وليسوا عندهم [رواهم] (¬4)، فكيف حكموا بأنوثتهم، يدل على هذا قوله: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ}، (فعند) على ما ذكره المبرد ينبئ عن العلم لا عن الدنية (¬5).
واختلفوا في قوله: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} فقرأه العامة من الشهود، ويدل عليه قوله: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ} [الصافات: 150]، وقرأ نافع: (أَأشْهِدُوا) على أفعلوا بضم الهمزة وسكون الشين وقبلها همزة الاستفهام مفتوحة، ثم خففت الهمزة الثانية من غير أن يدخل بينهما الفاء. وروى المسيبي عنه بإدخال الألف بين الهمزتين، و (شهد) الذي يراد به حضر يتعدَّى إلى مفعول به من غير حرف جر كقوله:
¬__________
(¬1) انظر: "الحجة" 6/ 140، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي 2/ 256.
(¬2) انظر: "اختيار" أبي عبيد في "إعراب القرآن" للنحاس 4/ 102، "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 72.
(¬3) كذا رسمها, ولعله سقط لفظ (الأول).
(¬4) كذا رسمها, ولعل الصواب (يرونهم).
(¬5) قال الطبري: والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، وذلك أن الملائكة عباد الله وعنده. "تفسير الطبري" 13/ 58، ولم أقف على قول المبرد.