كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

18 - قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} وتفسير هذا قد تقدَّم في آي كثيرة [الحج: 55, الزخرف: 66]، قال أبو إسحاق: موضع أن نصب على البدل من الساعة، المعنى: فهل ينظرون إلا أن تأتيهم بغتة، وهذا من البدل المشتمل على الأول في المعنى (¬1). ونحو هذا ذكر الفراء (¬2) والكسائي (¬3) وزاد المبرد بياناً فقال: (أن تأتيهم) بدل من الساعة والتقدير: فهل ينظرون إلا الساعة إتيانها بغتة، فإذا نحيت الساعة صار المعنى: فهل ينظرون إلا إتيان الساعة بغتة، وهذا كقوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217] أي عن قتال في الشهر الحرام ومثله: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ} [الفتح: 25] إنما هو لولا أن تطؤوهم.
قوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} قال أبو عبيد: قال الأصمعي: هي علاماتها، قال: ومنه الاشتراط الذي يشترط الناس بعضهم على بعض، إنما هي علامات يجعلونها بينهم قال: ولهذا سميت الشُّرط لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها.
قال أبو عبيد: وقال غيره في بيت (¬4) أوس بن حجر:
فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهْوَ مُعْصِمٌ ... وأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وتَوكَّلا (¬5)
هو من هذا أيضًا، يريد أنه جعل نفسه علماً لهذا الأمر.
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 11.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 61.
(¬3) لم أقف على قولي الكسائي والمبرد.
(¬4) انظر: "تهذيب اللغة" (شرط) 11/ 309، "اللسان" (يشترط) 7/ 330.
(¬5) انظر: المرجعين السابقين، "الدر المصون" 6/ 152.

الصفحة 242