كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

بتحديد وتحديق، كما ينظر الشاخص بصره عند الموت من شدَّة العداوة (¬1).
وقال أبو إسحاق: إنما ذكر ذلك لأنهم منافقون يكرهون القتال؛ لأنهم إذا قعدوا عنه ظهر نفاقهم فخافوا على أنفسهم القتل (¬2).
قوله: {فَأَوْلَى لَهُمْ} فيه مذاهب ثلاثة:
قال قتادة: هذا وعيد لهم وانقطع الكلام (¬3)، ونحو هذا قال مقاتل والكلبي (¬4)، واختاره الزجاج وابن قتيبة (¬5)، وهو قول أكثر أهل اللغة (¬6)، واختلفوا لم صارت هذه الكلمة للتهديد؟ فقال الأصمعي: معنى قولهم في التهديد: أولى لك، وليك وقاربك ما تكره وأنشد:
فَعَادى بَينَ هَادِيَتَيْنِ مِنْهَا ... وأَوْلَى أَن يَزيدَ عَلَى الثَّلاثِ (¬7)
أي: قاربك أن يزيد على الثلاث.
قال ثعلب: ولم يقل أحد في (أولى لك) أحسن مما قال الأصمعي (¬8)، وأبو إسحاق يختار هذا القول، ويقول: المعنى: وليهم المكروه (¬9).
قال أبو العباس: وقال غير الأصمعي: (أولى) يقولها الرجل لآخر
¬__________
(¬1) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة 2/ 132.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 12.
(¬3) أخرج ذلك الطبري 13/ 55 عن قتادف وذكره الماوردي في "تفسيره" 5/ 301.
(¬4) انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 48، "تنوير المقباس" ص 509.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 12، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 411.
(¬6) قال ذلك الطبري. انظر: "تفسيره" 13/ 55، وانظر: "تهذيب اللغة" (ولى) 15/ 448، "اللسان" (ولى) 15/ 411، "مقاييس اللغة" (ولى) 6/ 141.
(¬7) انظر: المراجع السابقة، "الدر المصون" 6/ 153.
(¬8) ذكر ذلك الأزهري في "تهذيب اللغة" (ولي) 15/ 448، وانظر: المراجح السابقة.
(¬9) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 12.

الصفحة 249