كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

الصرعة ولم يستقلوا بعد تلك النكبة. وهذا معنى قول قتادة: من نهوض (¬1).
وقال الكلبي: فما استطاعوا أن يقوموا فيردوا العذاب حين غشيهم (¬2). وعلى هذا المعنى (¬3) ما استطاعوا قيامًا لدفع العذاب عنهم حين أتاهم. {وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ} قال مقاتل: يعني ممتنعين من العذاب حين أهلكوا (¬4). أي: ما كانت عندهم قوة يمتنعون بها من عذاب الله.

46 - قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ} قرئ بالنصب والخفض (¬5). فالخفض ظاهر بالحمل على قوله: (وَفِي مُوسَى) ومن نصب حمل على المعنى وهو أن قوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} يدل على أهلكناهم، فكأنه قال: أهلكناهم وأهلكنا قوم نوح. وهذا قول الفراء، والزجاج (¬6). قال: ويجوز أن يحمل على معنى قوله: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ في الْيَمِّ} ألا ترى أن هذا الكلام يدل على أغرقناهم، فكأنه قال: أغرقناهم وأغرقنا قوم نوح (¬7).
قال المبرد: والنصب أحسن لتراخيه عن عامل الجر، والعرب إذا تراخى المجرور عن عامل الجر حملته على المعنى، والدليل على حسن النصب أن الجار ذكر في قصص الأمم وهو في {وَقَوْمَ نُوحٍ} لم يلحق معهم
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 245، "جامع البيان" 27/ 5.
(¬2) لم أجده عن الكلبي، وتقدم مثله عن مقاتل.
(¬3) في (ك): (معنى) ولعل الصواب ما أثبته.
(¬4) انظر: "تفسير مقاتل" 127 ب، "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 52.
(¬5) قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف (وقوم) بالكسر وقرأ الباقون بالنصب. انظر: "حجة القراءات" ص 680، "النشر" 2/ 377، "الإتحاف" ص 400.
(¬6) انظر "معاني القرآن" للفراء 3/ 88 - 89.
(¬7) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 57. "الحجة للقراء السبعة" 6/ 223.

الصفحة 460