وقال الزجاج: المعنى: وما خلقت الجن والإنس إلا لأدعوهم إلى عبادتي (¬1). هذا كلامهم وتفسيرهم. قالوا .... (¬2) العبادة غير الدعاء إليها والأمر بها، والله تعالى قال: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وأنتم تقولون إلا لآمرهم بذلك. قيل: قد يقال ... (¬3) هذا إذا لم يشتبه ودلت الحال عليه، ما تقول لإنسان أكرمته وأحسنت إليه لتأمره يصنع لك شيئًا: ما أكرمتك إلا لتصنع هذا. وأنت تريد: إلا لآمرك بذلك. وأكثرة من لا يعبد الله من الكفار يدل على أنه لم يخلقهم لعبادته (¬4).
واختار صاحب النظم هذا المذهب، واستشهد بقوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا} [الزخرف: 12، 13] (¬5). قال: معناه: ليأمركم إذا استويتم على ظهوره أن تذكروه، ولو كان على ظاهره لوجب أن يكون ذلك عامًا في الإتيان به.
المذهب الثالث: أن المفسرين قالوا في قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} إلا ليوحدوني، والمؤمنون يوحدون الله تعالى طوعًا في الشدة والرخاء، الكفار يوحدونه في الشدة والبلاء وعند العباس. وهذا معنى رواية حبان عن الكلبي (¬6) هذا جملة أقوال المفسرين.
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 58.
(¬2) في (ك): الكلمة غير واضحة، لعلها (وتفسير).
(¬3) كذا في (ك). والعبارة مستقيمة ولعل الكلمة الساقطة (مثل).
(¬4) انظر: "البحر المحيط" 8/ 143، "روح المعاني" 27/ 20 - 21.
(¬5) ورجح الشنقيطي في تفسيره 7/ 673 هذا القول لدلالة آيات القرآن عليه.
(¬6) انظر: "الكشف والبيان" 11/ 192 أ، "معالم التنزيل" 4/ 235، "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 56.