كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

قال المفسرون: ما أنت بكاهن تبتدع القول وتخبر بما في غد من غير وحي. أي لست تقول ما تقوله (¬1) كهانة، ولا تنطق إلا بوحي. والكاهن الذي يوهم أنه يعلم الغيبَ بطريق خدمة الجن إياه وإخبارهم، والمجنون المارق الذي يغطي على عقله. وهذا جواب لكفار مكة حين قالوا: إنه كاهن ومجنون وشاعر، وقد علموا أنه ليس كما قالوا, ولكنهم قالوا ذلك على جهة الكذيب ليستريحوا إلى ذلك كما يستريح السفهاء إلى التكذيب على أعدائهم.

30 - قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ} أي بل أيقولون: {شَاعِرٌ} أي هو شاعر {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} ريب الدهر صروفه وحوادثه من قولهم: رابه الأمر ريبًا، أي نابه وأصابه (¬2). والمنون الدهر في قول الفراء (¬3)، والأصمعي، والكسائي، وأصله من المنّ بمعنى القطع، وذلك أنه يقطع الأعمال.
قال الفراء: المنون يذكر ويؤنث، فمن ذكره أراد به الدهر، ومن أنث أراد المنية. وقول الهذلي (¬4):
أَمِنَ الَمُنونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ
روي بالوجهين.
وقال الكسائي: المنون واحد في اللفظ، وقد يذهب به مذهب الجماع وأنشد قول عدي:
¬__________
(¬1) في (ك): (مقول).
(¬2) انظر: "تهذيب اللغة" 15/ 252، "اللسان" 1/ 1263 (ريب).
(¬3) انظر: "معاني القرآن" 3/ 93.
(¬4) البيت في "ديوانه" ص 87، "الخصائص" 1/ 94، "شرح المفصل" لابن يعيش 4/ 10، "المذكر والمؤنث" ص 227.

الصفحة 500