كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

تَربَّصْ بها رَيْبَ المَنُونِ لعلّها ... تُطَلَّقُ يومًا أو يَمُوتُ حَلِيلهُا (¬1)
قال المفسرون: قال المشركون: ننتظر بمحمد الموت وحوادث الدهر فيهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة، وأن أباه توفي شابًّا ونحن نرجو أن يموت كما مات أبوه شابًّا (¬2). وقال الأخفش: يريد نتربص به إلى ريب المنون، فحذف الجر كما تقول:
قصدت زيدًا وقصدت إلى زيد، وعمدت زيدًا وعمدت إلى زيد (¬3)
وأصله من المنِّ، قال الله تعالى:

31 - {قُلْ تَرَبَّصُوا} قال الكلبي: انتظروا بي الموت {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} بكم من المنتظرين عذابكم، فعذبوا يوم بدر بالسيف، وهو قول جماعة المفسرين (¬4).
قال أبو إسحاق: وجاء في التفسير أن هؤلاء الذين قالوا هذا هلكوا كلهم قبل وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (¬5).

32 - قوله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} قال ابن عباس: يريد التكذيب (¬6). يعني أن الله تعالى أشار بقوله: {بِهَذَا} إلى ما ذكر
¬__________
(¬1) أخرج ابن جرير نحوه عن ابن عباس بإسناد حسن، وأخرجه ابن إسحاق في السيرة. انظر: "جامع البيان" 27/ 19، "فتح الباري" 8/ 602، "معالم التنزيل" 4/ 240، "مرويات ابن عباس" للحميدي 2/ 829.
(¬2) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 72، "فتح القديرِ" 5/ 99.
(¬3) في "معاني القرآن" للأخفش 2/ 697، قال: وقال {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} لأنك تقول: تربصتُ زيدًا، أي تربصت به.
(¬4) انظر: "الوسيط" 4/ 189، "معالم التنزيل" 4/ 241، "القرطبي" 17/ 73.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" 5/ 65.
(¬6) انظر: "تنوير المقباس" 5/ 286.

الصفحة 502