كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

عنهم مما يدل على تكذيبهم. يقول: أم تأمرهم أحلامهم بترك القبول ممن يدعوهم إلى التوحيد، ويأتيهم على ذلك بالدلائل، وهم يعبدون أحجارًا.
قال الفراء: الأحلام في هذا الموضع العقول والألباب (¬1). وكانت عظماء قريش توصف بالأحلام والنهى، وبأنهم أولوا العقول فقال الله تعالى -منكرًا عليهم-: أتأمرهم أحلامهم بهذا. وهذا تهكم وإزراء (¬2) بأحلامهم، وأنها لم تثمر لهم معرفة الحق من الباطل (¬3)، وفيه رد على من يوجب شيئًا بالعقل، وأن الهدى يكتسب بالعقل.
وقوله: {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} أي: أم يكفرون طغيانًا، وقد ظهر لهم الحق. وأول الآية إنكار عليهم، وآخرها إيجاب. وهو قوله: {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} قال ابن عباس: يريد حملهم الطغيان على تكذيبك (¬4). ومثل هذه الآية في النظم قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} قال عطاء: افتعله (¬5).
وقال الكلبي: تكذّبه من تلقاء نفسه (¬6).
وقال مقاتل: اختلق محمد القرآن من تلقاء نفسه (¬7).
والتقوّل: تكلف القول، ولا يستعمل إلا في الكذب, لأنه تكلف القول من غير حقيقة بمعنى يرجع إلى أجل (¬8).
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" 3/ 93.
(¬2) أزرى بالشيء إزراء: تهاون به. انظر: المصباح (زرى).
(¬3) انظر: "جامع البيان" 27/ 19، "الوسيط" 4/ 189، "معالم التنزيل" 4/ 241.
(¬4) انظر: "الوسيط" 4/ 189.
(¬5) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 73.
(¬6) انظر: "تنوير المقباس" 5/ 287، "الوسيط" 4/ 189.
(¬7) انظر: "تفسير مقاتل" 129 أ.
(¬8) انظر: "تهذيب اللغة" 9/ 311، "اللسان" 3/ 1089 (قول) "الجامع لأحكام =

الصفحة 503