كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

39 - ثم سفه أحلامهم في جعلهم البنات لله فقال: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (¬1)، وهذا كقوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} [الصافات: 149] وقوله: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ} [الزخرف: 16] الآية. ومعنى الآية الإنكار عليهم، أي: أنتم جاعلون له ما تكرهون وأنتم حكماء عند أنفسكم {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا} على ما جئتم به من الدين والشريعة {فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ} أي غرم {مُثْقَلُونَ} قال مقاتل: أثقلهم الغرم فلا يستطيعون الإيمان من أجل الغرم (¬2). وكل هذا إنما ذكر قطعًا لحجتهم وبيانًا أن الحجة عليهم من كل وجه.
41 - قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} قال عطاء عن ابن عباس: يريد هل نزل عليهم وحي من السماء فهم يكتبون (¬3)؟
قال: يريد كتبوه وعلموه, وهذا مجمل، وقد فسره مقاتل فقال: أعندهم علم الغيب بأن الله لا يبعثهم، وأن ما يقول محمد -صلى الله عليه وسلم- غير كائن، ومعهم بذلك كتاب فهم يكتبون (¬4).
وهذا وهم؛ لأنهم لو علموا الغيب لم (¬5) يوجب ذلك إنكار البعث وأمر محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولكن المعنى ما قال قتادة: أن هذا جواب لقولهم: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} يقول الله تعالى: أعندهم الغيب حتى علموا أن
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 67.
(¬2) انظر: "تفسير مقاتل" 129 ب.
(¬3) انظر: "تنوير المقباس" 5/ 288، "معالم التنزيل" 4/ 242، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 17/ 76.
(¬4) انظر: "تفسير مقاتل" 129 ب.
(¬5) (لم) ساقطة من (ك).

الصفحة 509