كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

محمدًا يموت قبلهم (¬1). وعلى هذا قوله: {فَهُمْ يَكْتُبُونَ} يجوز أن يكون معناه: يكتبون ذلك الذي عندهم من علم الغيب.
وقال ابن قتيبة (¬2): معناه: يحكمون. والكتاب بمعنى الحكم قد ورد في كثير من المواضع كقوله: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] أي قضى وأوجب. وكقوله: "سأقضي بينكم بكتاب الله" (¬3) أي بحكمه.

42 - قوله تعالى: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} يعني: أيريدون أن يكيدوك ويمكروا بك مكراً يغتالونك به {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} أي: المجزيون بكيدهم في الدنيا والآخرة. يريد أن ضرر ذلك يعود عليهم ويحيق بهم مكرهم. وقال الكلبي ومقاتل: يعني بكيدهم ما اجتمعوا ليكيدوا به في دار الندوة، فجزاهم الله بكيدهم أن قتلهم ببدر، فذلك قوله تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} (¬4).
43 - {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} هذا إنكار عليهم ما اتخذوه من الآلهة دون الله. يقول: ألهم إله دون الله، يعني: إلهًا يخلق ويرزق ويحيي ويميت.
¬__________
(¬1) انظر: "الوسيط" 4/ 190، "معالم التنزيل" 4/ 242، "القرطبي" 17/ 76. قلت: قول المؤلف رحمه الله: (وهذا وهم) رد لقول مقاتل. وظاهر الآية لا يرده. إذا في قوله تعالى {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ ..} ما يرد كل افتراءاتهم وتكذيبهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- حيث لم يستندوا على وحي أو عقل، ويدخل ضمن دلالة الآية دعواهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سيموت في شبابه كما مات الشعراء من أمثاله النابغة وزهير. والله أعلم.
(¬2) انظر: "معالم التنزيل" 4/ 242، "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 76.
(¬3) الحديث رواه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود 3/ 241، وفي مواضع أخرى ولفظه: "لأقضين بينكما بكتاب الله"، ومسلم في كتاب الحدود، وأحمد في المسند 4/ 115.
(¬4) انظر: "تفسير مقاتل" 129 ب، "معالم التنزيل" 4/ 242، "القرطبي" 17/ 76.

الصفحة 510