كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

إذا أزعجه وأقلقه، واستخفه إذا حمله على الجهل (¬1)، ومنه قوله: {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60] أي [لا يحميك] (¬2) على الجهل والميل إليهم، قال مقاتل: فاستفز قومه القبط (¬3)، وهو قول الفراء: استفزهم (¬4)، والمعنى أزعجهم وحملهم على صفة الجهل بكيده وغروره، وقوله لهم: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى} [غافر: 29].
ومن قال هاهنا في تفسير (استخفهم): وجدهم جهالاً خفاف الأحلام (¬5)، فليس بالوجه لقوله: {فَأَطَاعُوهُ} وهذا يوجب أنه أمرهم بشيء فيه إزعاجهم فأطاعوه، ولا يقال وجده خفيفًا فأطاعه, لأنك قد تجد إنساناً خفيف العقل فلا يطيعك, لأنك لم تأمره أو لم يرد هو طاعتك، ويحتاج في هذا التفسير إلى إِضْمارٍ لا يجوز، هو أن يكون التقدير: وجده خفيفًا فدعاه إلى الغواية فأطاعه، وإذا قلت: أزعجه فأطاعه، لم يحتج إلى إضمار.
ومعنى {فَأَطَاعُوهُ}: قال ابن عباس ومقاتل: على تكذيب موسى (¬6)، والمعنى أنه حملهم على الجهل فقبلوا قوله وكذبوا موسى.
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} قالا: عاصين لله (¬7).
¬__________
(¬1) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 101.
(¬2) كذا في الأصل، ولعل الصواب (لا يحملنك).
(¬3) انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 35.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 35.
(¬5) ذكر ذلك الماوردي في "تفسيره" 5/ 231 وقال: هو معنى قول الكلبي، وذكره البغوي 17/ 27، وابن الجوزي في "زاد المسير" 7/ 322 بغير نسبة.
(¬6) انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 798، "تفسير الماوردي" 5/ 231 وقد نسبه لابن زياد.
(¬7) انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 798، "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 101.

الصفحة 61