ذكرنا تلك القصة، وهذا قول ابن عباس في رواية الكلبي ومقاتل (¬1)، وعلى هذا القول: معنى {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} قال مقاتل: ولما وصف ابن مريم شبهًا في العذاب في الآلهة أي: فيما قالوه وعلى زعمهم لأن الله لم يذكر في تلك الآية عيسى ولم يرده بقوله: {وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أو إنما أراد أوثانهم ولكنهم ألزموه عيسى جدلاً وعتبًا، ومعنى: (يضجون) على هذا القول صحيح الجدال والمخاصمة أو صحيح السرور، حيث ظنوا أنهم خصموه بتسويتهم بينه وبين آلهتهم، فقد قال بعض المفسرين: يضجون، ولا يتوجه الاعتراض على هذا القول، ويدل على صحة هذا القول الثاني في الآية.
58 - قوله تعالى: {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} وذلك أنهم قالوا
¬__________
(¬1) أخرج ذلك الواحدي في "أسباب النزول" عن ابن عباس، انظر: "أسباب النزول" ص 397، وأورده مقاتل في "تفسيره" بدون سند، انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 798، وأورده السيوطي في "لباب النقول وعزاه" لأحمد والطبراني، انظر: "لباب النقول" ص 189، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد وعزاه" لأحمد والطبراني قال: وفيه عاصم بن بهدلة وثقه أحمد وغيره وهو سيء الحفظ وبقية رجاله رجال الصحيح، انظر: "مجمع الزوائد" 7/ 104. وملخص القصة: قال ابن عباس: أراد به مناظرة عبد الله بن الزبعرى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن عيسى وأن الضارب لهذا المثل هو عبد الله بن الزبعرى السهمي حالة كفره لما قالت له قريش إن محمداً يتلوا: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} الآية، فقال: لو حضرته لرددت عليه. قالوا: وما كنت تقول له، قال: كنت أقول له هذا المسيح تعبده النصارى، واليهود تعبد عزيرًا أفهما من حصب جهنم؟، فعجبت قريش من مقالته ورأوا أنه قد خصم، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} ولو تأمل ابن الزبعرى الآية، ما أعترض عليها؛ لأنه قال: {وَمَا تَعْبُدُونَ} ولم يقل ومن تعبدون. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 103.