كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

رضينا أن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى، فإن كان عيسى في النار بأنه يعبد من دون الله فكذلك آلهتنا، هذا معنى قول مقاتل، فقال الله تعالى: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} قال مقاتل: ما وصفوا لك ذكر عيسى إلا ليجادلوك به (¬1).
وقال أبو إسحاق: طلب المجادلة لأنهم قد علموا أن المعني في حصب جهنم أصنامهم (¬2).
وقال أبو علي: ما ضربوه إلا إرادة للمجادلة؛ لأنهم قد علموا أن المراد لحصب جهنم ما اتخذوه من الموات (¬3)، وعلى القول الأول في الآية الأولى قوله: {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} يعنون محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، قاله قتادة (¬4). والمعنى: أنهم يقولون: آلهتنا خير أم (¬5) فنحن لا ندع عبادتها لعبادة محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو سؤال تقرير أن آلهتهم خير.
قوله تعالى: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} أي ما قالوا لك هذا القول إلا طلبًا للخصومة منه، ثم ذكر أنهم أصحاب خصومة، فقال: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} الخَصِم الشديد الخصومة، وكذلك الجَدِل (¬6)، والقول الثاني أظهر وسياق الآيات عليه أدل وهو قوله:

59 - {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} قال ابن عباس: يريد ليس بولد ولا
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 799.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 416.
(¬3) انظر: "الحجة" لأبي علي 6/ 154.
(¬4) أخرج ذلك الطبري عن قتادة. انظر: "تفسيره" 13/ 88، "تفسير الماوردي" 5/ 234، ونسبه القرطبي لقتادة. انظر: "الجامع" 16/ 104.
(¬5) كذا في الأصل، ولعله قد سقط لفظ (محمد).
(¬6) انظر: "تفسير الماوردي" 5/ 234، "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 104.

الصفحة 68