كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 20)

الجوع، كالظلمة في أبصارهم حتى كانوا يرون دخانًا، فعلي هذا: الدخان هو الظلمة التي في أبصارهم من شدة الجوع (¬1).
وذكر ابن قتيبة معنيين آخرين أحدهما: أن الجوع يقال له: دخان، ليُبْس الأرض في سنة الجدب، وانقطاع المطر وارتفاع الغبار فيه، فيشبه ما يرتفع منه بالدخان، ولهذا يقال لسنة المجاعة الغبراء، ومنه جوع أغبر، وهذا معنى قول مجاهد في قوله: {بِدُخَانٍ مُبِينٍ} قال: الجدب وإمساك القطر عن كفار قريش (¬2). قال: وربما وضعت العرب الدخان موضع الشر إذا علا فيقولون: كان بيننا أمر ارتفع له دخان (¬3).
القول الثاني في الدخان: أنه آية من آيات الله مرسلة على عباده قبل مجيء الساعة، فيدخل في أسماع أهل الغي ويعتري أهل الإيمان منه كهيئة الزكام، وهذا قول ابن عباس [والحسين] (¬4) وابن عمر وعلي (¬5). روى الحارث (¬6) عنه أنه قال: الدخان لم يمض بعد يأخذ المؤمنين كهيئة الزكام،
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 39، و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 424، و"تفسير الطبري" 13/ 112، و"الدر المنثور" 7/ 406.
(¬2) انظر: "تفسير مجاهد" ص 597.
(¬3) انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 402، و"مشكل القرآن وغريبه" 2/ 125.
(¬4) كذا في الأصل وهو تصحيف، والصحيح (الحسن).
(¬5) انظر: "تفسير الطبري" 13/ 113، وتفسير الثعلبي 10/ 94 ب، و"تفسير البغوي" 7/ 229، و"زاد المسير" 7/ 339.
(¬6) هو الحارث بن قيس الجعفي الكوفي. روى عن ابن مسعود وعلى وعنه خيثمة ويحيى ابن هانئ قال ابن المديني: قتل مع علي، وقال ابن حبان في الثقات: مات الحارث في ولاية معاوية، وصلى أبو موسى على قبره بعد ما دفن. انظر: "تهذيب التهذيب" 2/ 154، و"الإصابة" 1/ 370.

الصفحة 99