وقال مقاتل: لولا أن الله يسر القرآن ما استطاع أحد أن يتكلم بكلام الله، ولكن الله يسره على خلقه (¬1).
وقال الزجاج: قيل: إن كتب أهل الأديان نحو التوراة والإنجيل إنما يتلوها أهلها نظرًا، ولا يكادون يحفظون كتبهم من أولها إلى آخرها كما يحفظ القرآن (¬2).
وعلى هذا القول معنى قوله {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أي هل من ذاكر يذكره، وقارئ يقرأه، ومعناه الحث على قراءة القرآن ودرسه وتعلمه وتفهم معانيه، وهذا معنى قول مطر الوراق: هل من طالب علم فيعان عليه (¬3).
القول الثاني: أن معنى الذكر هاهنا الاعتبار والتفكر، قال مقاتل: يعني ليتذكروا ما فيه (¬4)، والمعنى: هونّاه بأن جعلنا ألفاظه سهلة مفهومة لا صعبة متعقدة كما قال {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195]، وبينا فيه المواعظ والمزاجر، فهذا معنى {يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ}.
وقوله {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أي من متعظ معتبر خائف، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء، قال: يريد سهلنا القرآن لكل متعظ (¬5).
19 - قوله تعالى {رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} ذكرنا تفسيره في قوله {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: 16]. قال ابن عباس:
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير مقاتل" 133 أ، ورواه البيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 8، عن ابن عباس بسند ضعيف.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 88.
(¬3) انظر: "جامع البيان" 27/ 57، و"الكشف والبيان"، 12/ 25 أ، و"الدر" 6/ 135.
(¬4) انظر: "تفسير مقاتل" 133 أ.
(¬5) لم أجد هذا القول منسوبًا. وانظر: "الكشف والبيان" 12/ 25 أ.