مجاهد: سقطت رؤوسهم أمثال الأخبية وتفردت أعناقهم، فشبههم بأعجاز نخل منقعر (¬1).
قال المفسرون: شبههم لطول قاماتهم حين صرعتهم الريح وكبتهم على وجوههم بالنخيل الساقطة على الأرض التي ليست لها رؤوس (¬2)، والعرب تشبه الرجال إذا انكبوا على وجوههم على الأرض بالنخيل الساقطة، ومنه قول الشاعر يزيد بن عمرو (¬3) يرثي قومه:
ألا من رأى قومي كأن رجالهم ... نخيل أتاها عاضد فأمالها (¬4)
وتذكير المنقعر للفظ النخل وهو من الجمع الذي يذكر ويؤنث، وتأنيثه قد جاء في قوله عز ذكره {نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7].
23 - {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} قال ابن عباس: يريد ما جاءهم به صالح (¬5)، وعلى هذا معنى النذر: الإنذار، كما ذكرنا في قوله {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} وقال مقاتل: يعني بالرسل (¬6)، وعلى هذا النذر: جمع نذير، وتكذيبهم صالحًا تكذيب لجميع الرسل؛ لأن الإيمان بالجميع واجب.
ثم أنكروا أن يكونوا تبعًا لواحد منهم، وهو قوله:
24 - {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} أي هو آدمي مثلنا وهو واحد فلا
¬__________
(¬1) انظر: "جامع البيان" 27/ 59.
(¬2) انظر: "الكشف والبيان" 12/ 25 ب، و"الوسيط" 4/ 21، و"معالم التنزيل" 4/ 216، و"الجامع لأحكام القرآن" 17/ 137.
(¬3) لم أجد له ترجمة.
(¬4) انظر: "الحماسة" لأبي تمام 2/ 473، وفيها: (قومي) بدلا من قوماً. و (عاضد) بدلا من (عاصف).
(¬5) ذكره المفسرون لبيان المعنى ولم ينسب لقائل.
(¬6) انظر: "تفسير مقاتل" 133 ب.