وروي عن أبي ذر قال: قدم وقد نجران على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا؟ فأنزل الله هذه الآيات. فقالوا: يا محمد يكتب علينا الذنب ويعذبنا؟ فقال: "أنتم خصماء الله يوم القيامة" (¬1).
ويؤكد هذا ما روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "ينادي مناد يوم القيامة ليقم خصماء الله، وهم القدرية" (¬2).
ويزيد وضوحًا هذه الجملة ما روي عن كعب أنه قال: نجد في التوراة أن القدرية يسحبون في النار على وجوههم، وهو قول عطاء عن ابن عباس أن الآيات نزلت في القدرية من المشركين الذين جادلوا رسول الله -صلي الله عليه وسلم - (¬3).
وعلى هذا معنى قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} أي كل ما خلقناه فمقدور مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه، يدل على هذا قوله: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} ذكر ذلك أبو إسحاق (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: "أسباب النزول" للواحدي ص 464، عن عطاء، و"الجامع لأحكام القرآن" 17/ 148، بدون سند وأخرجه الثعلبي عن سيار بن الحكم .. إلى قوله: فأنزل الله تعالى فيهم: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} إلى آخر السورة، ولم ينسبه، يذكره من قول النبي -صلي الله عليه وسلم -.
(¬2) رواه ابن أبي عاصم في "كتاب السنة" 1/ 148، باب إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم خصماء الله تعالى. وقال عنه الألباني: إسناده ضعيف، ورواه الطبراني في الأوسط من رواية بقية، وهو مدلس، وحبيب بن عمرو مجهول. انظر: "مجمع الزوائد" 7/ 26 وقال الألباني -بعد ذكره للحديث وتخريج الهيثمي وحكمه على بقية وحبيب بن عمرو- قلت: قد شرح بقية بالتحديث عند المصنف فزالت شبهة تدليسه وانحصرت في شيخه.
(¬3) انظر: "تنوير المقباس" 5/ 311، قال ابن حجر: وأشتهر على ألسنة السلف والخلف أن هذه الآية نزلت في القدرية. انظر: "فتح الباري" 11/ 478.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" 5/ 92.