كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

ووحد لأنه قابل الفواصل فصار كقوله {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} والواحد قد ينبى عن الجميع فيخبر به كقوله:
وأما جلدها فصليب (¬1)
وقد تقدم في مثل هذا بالاستشهادات. وهذا قول أبي عبيدة، والكسائي، والفراء، والزجاج (¬2).
وذكر قوم أن معنى (نهر) ضياء وسعة، قالوا: ومنه النهار لضيائه، وأنهرت الجرح وسعته، وهو قول الضحاك، وذكره الفراء وابن قتيبة (¬3)، والقول هو الأول.

55 - وقوله {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} في مجلس حسن.
وقد ذكرنا قديمًا أن العرب إذا بالغت في مدح شيء أضافته إلى الصدق، كقوله تعالى {لِسَانَ صِدْقٍ} [الشعراء: 84] و {قَدَمَ صِدْقٍ} (¬4) [يونس: 2]. قال عطاء: يريد في جوار الرحمن (¬5).
¬__________
(¬1) أنشده الخليل، وسيبويه والبيت لعلقمة الفحل يصف الصحراء وبها جيف الإبل التي رذحت وماتت فتصلبت بقايا جلدها وذهب لحمها فبقي عظمها أبيض. والشاهد قوله (جلدها) أفرد ومراده الجمع، والمعنى جلودها. انظر: "ديوان علقمة" ص 4، و"الكتاب" 1/ 29، و"المفضليات" ص 394، و"معاني القرآن" للزجاج 1/ 83، و"إيضاح الشعر" للفارسي ص 334.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 93، و"معاني القرآن" للفراء 3/ 111، و"مجاز القرآن" 2/ 241.
(¬3) انظر: "جامع البيان" 27/ 67، و"الكشف والبيان" 12/ 31، و"معاني القرآن" للفراء 3/ 111، و"تفسير غريب القرآن" ص 435.
(¬4) وانظر: "تهذيب اللغة" 8/ 355، و"اللسان" 2/ 42 (صدق)
(¬5) لم أقف عليه.

الصفحة 128