قال أهل المعاني: وهذا تنبيه على النعمة فيه والهداية إليه، ولولا الميزان لتعذر الوصول إلى كثير من الحقوق.
القول الثاني: أن المراد بالميزان العدل، وعبر عنه بالميزان؛ لأنه آلته.
قال عطاء عن ابن عباس: يعني العدل في الأرض بين الناس، وهو قول مجاهد (¬1).
قال أبو إسحق: الميزان هاهنا العدل؛ لأن المعادلة موازنة الأشياء (¬2). قال صاحب النظم: على هذا القول: تأويله أمر بالعدل يدل هذا قوله تعالى:
8 - {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} أي لا تجاوزوا العدل.
و (أن لا تطغوا) يحتمل وجهين، أحدهما: لئلا تطغوا كقوله {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176]، والثاني: أن معنى (أن) التفسير، فيكون المعنى أن لا تطغوا كقوله تعالى: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} [ص: 6] (¬3) وقد مر.
وعلى القول الأول يكون (تطغوا) في محل النصب بأن، وعلى القول الثاني يكون تطغوا جزمًا على النهي. ذكر ذلك الفراء والزجاج (¬4)، قال الفراء: والنهي أحب إلى؛ لقوله:
9 - {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} (¬5)، وهذا أيضًا يدل على أن المراد
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير مجاهد" 2/ 64، ولم أقف عليه عن ابن عباس.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" 5/ 96.
(¬3) انظر: "التفسير الكبير" 29/ 9، و"القرطبي" 17/ 154، و"فتح القدير" 5/ 137.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 96.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 113.