بقوله {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} أي في الذي يوزن به، قال عطاء عن ابن عباس: يريد لا تخونوا من وزنتم له (¬1).
ومعنى {لا تطغوا} لا تظلموا ولا تنقصوا ولا تجاوزوا القدر، قاله أبو عبيدة والزجاج (¬2).
وقال أهل المعاني (¬3): إنما قيل لا تطغوا؛ لأن ما لا يضبط في الوزن موضوع عنهم ما لم يتعمدوا البخس فإذا تعمدوا فقد طغوا، وإنما قال: {لا تطغوا في الميزان} ولم يقل فيه بالكناية وقد سبق ذكره لكي يكون قائمًا بنفسه في النهي عنه، ولا يكون الثاني متضمنًا بالأول.
قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} قال المفسرون: أقيموا لسان الميزان بالقسط، أي: بالعدل، وهو قول مجاهد والكلبي ومقاتل (¬4).
والأحسن إذا وزن أن يقيم اللسان بالقسط كما أمر الله تعالى ثم يرجح إن أراد ذلك وتبرع به، وقد روي عن علي -رضي الله عنه- أنه مر على رجل وهو يزن الزعفران وقد أرجح فكفأ الميزان ثم قال: أقم الوزن بالقسط ثم أرجح بعد ذلك ما شئت (¬5).
وقوله: {وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} قال ابن عباس والمفسرون: لا تنقصوا
¬__________
(¬1) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 155.
(¬2) انظر: "مجاز القرآن" 2/ 242، و"معاني القرآن" للزجاج 5/ 96.
(¬3) انظر: "الكشاف" 4/ 5.
(¬4) انظر: "تنوير المقباس" 5/ 314، و"تفسير مقاتل" 135 أ، و"الدر" 6/ 141.
(¬5) لم أقف عليه عن علي، وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي المغيرة عن ابن عباس نحوه. انظر: "فتح الباري" 8/ 621.