وقوله: (منهما) وإنما يخرج من أحط البحرين وهو الملح دون العذب، قال أبو عبيدة: العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما كقوله تعالى {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] وإنما الرسل من الإنس، وتقول: أكلت خبزًا ولبنًا، وإنما يقع الأكل على الخبز (¬1)، وقال أبو إسحاق: إن الله تعالى قد ذكرهما وجمحهما فإذا أخرج من أحدهما فقد خرج منهما، ومثل ذلك قوله: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: 15، 16] والقمر في السماء الدنيا إلا أنه لما أجمل ذكر السبع كأن ما في إحداهن فيهن (¬2).
وقال مقاتل: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا} أي من الماءين جميعًا العذب والملح (¬3)، وهذا القول ذكره الأخفش فقال: زعم قوم أنه يخرج من العذب أيضًا (¬4).
وقال أبو علي: هذا على حذف المضاف كما قلنا في قوله {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ} [الزخرف: 31].
وأما تفسير اللؤلؤ والمرجان فقال الفراء: اللؤلؤ: العظام، والمرجان: ما صغر (¬5)، وهو قول جميع أهل اللغة في المرجان أنه الصغار من اللؤلؤ.
قال الأزهري: ولا أدري أرباعي هو أم ثلاثي.
وقال أبو الهيثم: اختلفوا في المرجان، فقال بعضهم: هو صغار
¬__________
(¬1) انظر: "مجاز القرآن" 2/ 244، و"الكشف والبيان" 12/ 36 ب، ونسبه لأهل المعاني والكلبي.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" 5/ 1.
(¬3) انظر: "تفسير مقاتل" 135 ب.
(¬4) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 163، و"فتح القدير" 5/ 134.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" 3/ 115.