كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

قال أبو إسحاق: معنى (دنا فتدلى) واحد, لأن المعنى أنه قرب، وتدلى زاد في القرب كما تقول: قد دنا مني فلان وقرب، ولو قلت: قرب مني ودنا جاز (¬1).
قال أبو بكر بن الأنباري: معنى الآية: ثم تدلى جبريل فدنا من محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقدم (دَنَا) على (تدلى) لأن الفعلين المصطحبين اللذين إذا وقع أحدهما موقع الآخر كان تقدم المتقدم كتأخره، كقولك: دنوت فقربت، وقربت فدنوت، لا فرق بينهما، وكذلك ظلمتني فأسأت، بمنزلة: أسأت فظلمتني، ومنه قوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]. معناه انشق القمر واقتربت الساعة (¬2).

9 - {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} القاب من القوس ما بين المقبض والسية (¬3). ولكل قوس قابان، والقاب في اللغة أيضًا القَدْر.
قال أبو عبيدة: قدر قوسين، ونحو ذلك قال الفراء والزجاج (¬4).
وقال ابن السكيت: يقال: قاب قوس وقيب، وقال رمح، وقيد رمح. كله بمعنى القدر (¬5). وهذا هو المعنى بما في الآية لا الأول وهو قول
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" 5/ 70.
(¬2) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 89، و"فتح القدير" 5/ 106، وهو قول الفراء أيضًا. انظر: "معاني القرآن" 3/ 95.
(¬3) سية القوس: ما عطف من طرفيها, ولها سيتان، وقيل: رأسها، وقيل: ما اعوج من رأسها. "اللسان" 2/ 255 (سيا).
(¬4) انظر: "مجاز القرآن" 2/ 236، و"معاني القرآن" للزجاج 5/ 71، و"اللسان" 3/ 11 (قوب).
(¬5) انظر: "إصلاح المنطق" ص 89، ولفظه: قاب قوس وقيب قوس، وقيس رمح وقاس رمح .. ، و"تهذيب اللغة" 9/ 247 (قاد).

الصفحة 18