شك، ولكنه يخاطبنا على ما جرت به عادة المخاطبة فيما بيننا (¬1)، وقد مر مثل هذا في قوله: {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (¬2).
ومعنى الآية أن جبريل مع عظمه وكثرة أجزائه حتى سد الأفق بجناحه دنا من النبي -صلى الله عليه وسلم- في غير تلك الصورة حتى قرب منه بعدما رآه على الصورة الأولى، وفي ذلك بيان قدرة الله تعالى.
10، 11 - قوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} قال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي: أوحى جبريل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أوحى الله إليه (¬3).
وقال قتادة: يوحي الله إلى جبريل ويوحي جبريل إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، هذا قول الحسن، وابن زيد (¬4)، واختيار الفراء، والزجاج، وابن الأنباري (¬5).
قوله: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} يقال: كذبني فلان بالتخفيف، أي: قال لي الكذب ولم يصدقني، وهذا فعل يتعدى إلى مفعول واحد، يدل
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 71.
(¬2) من آية (147) من سورة الصافات. قال: {أَوْ يَزِيدُونَ} قال أبو عبيدة: أو هاهنا ليست شك، وقالوا هي في موضع الواو .. وهو قول قطرب واختيار ابن قتيبة، ومثله (أَوْ أَدْنَى) {أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} وبعضهم يذهب إلى أنها بمعنى (بل)، وبه قال الفراء وهو قول مقاتل والكلبي ... وقال الأخفش: كانوا كذلك عندكم .. وبه قال الزجاج.
(¬3) انظر: "الوسيط" 4/ 195، و"معالم التنزيل" 4/ 246.
(¬4) انظر: "جامع البيان" 28/ 27، و"الكشف والبيان" 12/ 6 أ، و"الوسيط" 4/ 195، و"معالم التنزيل" 4/ 246.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 95، و"معاني القرآن"، للزجاج 5/ 71.