كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

يستدل عليهما بفحوى الكلام، وقد قال أبو إسحاق أيضًا: أفرأيتم هذه الإناث أَلله هي وأنتم تختارون الذكران وذلك قوله: ألكم الذكر وله الأنثى (¬1)، وهذا الوجه أجود الثلاثة وسنزيده وضوحًا عند قوله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ} إن شاء الله.
قال أبو علي الفارسي: أرأيتم هنا بمنزلة أخبروني لتعدي أرأيت إلى المفعول ووقوع الاستفهام في موضع المفعول الثاني, والمعنى: أرأيتم جعلكم اللات والعزى بنات الله، ألكم الذكر؟ وجاز الحذف لأن هذا قد تكرر في القرآن كقوله: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ} [النحل: 57] {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] فكان الحذف بمنزلة الإثبات، ألا ترى أن سيبويه جعل كُلاًّ في قوله:
ونارٍ توقَّدُ بالليلِ نَارا (¬2)
بمنزلة المذكور في اللفظ للعلم به وإن كان محذوفًا وقد دل قوله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى} على المحذوف، وادعوا هذا في هذه الآلهة كما ادعوه في الملائكة (¬3).
فأما اللات فروى عطاء عن ابن عباس قال: هي صنم (¬4).
قال قتادة: هي بالطائف (¬5)، قال الكلبي: هي صخرة كانت بالطائف
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 72، و"إعراب القرآن" للنحاس 3/ 268.
(¬2) البيت لأبي دواد الإيادي، وهو جارية بن الحجاج.
انظر: "ديوانه" 353، و"الكتاب" 1/ 66، و"الكامل" 1/ 287، و"الإنصاف" 743، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 21، و"الأصمعيات" 191. وصدره:
أكل امرئ تحسبين أمرأً
(¬3) انظر: "المسائل الحلبيات" ص 78 - 79، و"الكتاب" 1/ 66.
(¬4) لم أقف على هذه الرواية، والجمبع على أن اللات اسم لصنم.
(¬5) انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 253، "الكشف والبيان" 12/ 10 أ.

الصفحة 37