وهو ما زين لهم الشيطان {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} أي البيان والرشاد بالكتاب والرسول.
وهذا تعجيب من حالهم حيث لم يتركوا عبادتها مع وضوح البيان.
ثم أنكر على الكفار تمنيتهم شفاعة الأصنام فقال:
24 - {أَمْ لِلْإِنْسَانِ} يعني الكافر (مَا تَمَنَّى) من شفاعة الأصنام (¬1).
25 - {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} أي لا يملك فيهما ولا منهما أحد شيئًا إلا بإذنه؛ لأنهما (¬2) له. وفي هذا إبطال ما يتمنى الكافر.
ثم أكد هذا بقوله تعالى:
26 - {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ} جمع الكناية لأن المراد بقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَك} الكثرة، وذلك أن كم يخبر بها عن العدد الكثير فدل {كَمْ} على أنه أراد جمعًا، قاله الفراء، والزجاج (¬3).
قوله: {إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ} في الشفاعة {لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} يعني أنهم لا يشفعون إلا لمن يرضي الله من أهل التوحيد.
¬__________
(¬1) ذكر بعض المفسرين هذا القول ومنهم من فسر التمني بما كانوا يشتهونه من نزول القرآن على رجل من إحدى القريتين عظيم، وقيل غير ذلك.
قال الألوسي: ويفهم من كلام بعض المحققين أن المراد السلب الكلي، والمعنى: لا شيء مما يتمناه الإنسان مملوكًا له مختصًا به يتصرف فيه حسب إرادته، ويتضمن ذلك نفي أن يكون للكفرة ما ذكر وليس الإنسان خاصًا بهم كما قيل. "روح المعاني" 27/ 58.
وانظر: "تفسير القرآن العظيم" 4/ 254، و"البحر المحيط" 8/ 163.
(¬2) في (ك): (كأنهما) والصواب ما أثبته.
(¬3) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 99، و"معاني القرآن" للزجاج 5/ 73 - 74.