كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

كان رزقه بمقدار القوت فلينفق على قدر ذلك. وهذا كقوله (¬1) {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236].
قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} أي: ما أعطاها من الرزق، قال السدي: لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني (¬2). وذلك أنه لو كلف الفقير أن يوسع فقد كلفه ما لم يؤته، وإذا كلف الغني ذلك لم يكلفه إلا ما آتاه.
قوله: {سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} أي من بعد ضيق وشدة غنى وسعة ورخاء.
قال أبو إسحاق: كان الغالب على أكثرهم في ذلك الوقت الفقر والفاقة فأعلمهم الله عَزَّ وَجَلَّ أنه سيوسر المسلمون، ففتح عليهم بعد ذلك وجعل يسرًا بعد عسر (¬3)، والمؤمنون وإن كانوا في حال ضيقة فهم على رجاء اليسر من الله تعالى.

8 - قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} الكلام في كأين والاختلاف فيها قد تقدم ذكره في سورة آل عمران (¬4).
¬__________
(¬1) في (ك): (كله).
(¬2) انظر: "جامع البيان" 28/ 97، و"إعراب القرآن" للنحاس 3/ 456.
(¬3) انظر: "معاني القرآن" 5/ 187.
(¬4) عند تفسيره الآية (146) من سورة آل عمران.
قال أبو الهيثم: كأيّ بمعنى كم، وكم بمعنى الكثرة. والكاف في (كأين) كاف التشبيه دخلت على (أيِّ)، التي هي الاستفهام كما دخلت على (ذا) في (كذا) و (أن في (كأن) ولا معني للتشبيه فيه ... وكثر استعمال هذه الكلمة فصارت ككلمة واحدة موضوعة للتكثير، وفي كأين ثلاث لغات: كأين بوزن كعين، وكائن بوزن كاعِن، وكاين بوزن ماين. وانظر: "اللسان" 3/ 323 (كين). =

الصفحة 517