كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

الآخر: ذا قرآن كقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} [النحل: 44] والإنزال على هذا القول يكون بمعنى الإنشاء والإحداث، كما ذكرنا في قوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: 6]. وقوله: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: 25].
قال أبو إسحاق: ويكون يعني به جبريل يريد أن المعنى في قوله: فأنزل الله إليكم ذا ذكر رسولاً، وهو جبريل (¬1)؛ لأنه أنزل مع القرآن رسولاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم -، وهذا محتمل وأن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم - أولى لقوله بعده: {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتٍ}.
وذكر أبو جعفر (¬2) النحاس وجهين آخرين في نصب {رَسُولًا} (¬3) لا يصح واحد منهما.
أحدهما: أنه قال: {رَسُولًا} بدل من {ذِكْرًا} بمعنى رسالة (¬4). وهذا لا يجوز لقوله: {يَتْلُو عَلَيْكُمْ ...} إلى آخر الآية. وهو من صفة الرسول لا الرسالة (¬5).
الثاني: أنه قال: {رَسُولًا} أي مع رسول فيكون مفعولًا معه (¬6). وهذا أيضًا غير جائز؛ لأن المفعول معه لا يكون إلا مع الواو كما تقول: استوى الماء والخشبة، ولا يجوز بغير الواو (¬7).
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" 5/ 188.
(¬2) في (س): (أبو جعفر) زيادة.
(¬3) انظر: "القطع والائتناف" ص731.
(¬4) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 458.
(¬5) انظر: "البحر المحيط" 8/ 286، و"روح المعاني" 28/ 141.
(¬6) انظر: "الكشف والبيان" 12/ 145 ب.
(¬7) انظر: "النحو الوافي" لعباس حسن 2/ 310.

الصفحة 521