وقرأ حمزة والكسائي: (كبير الإثم) (¬1).
وفعيل قد جاء يعني به الكثرة كما أن فعولا كذلك في قوله: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} [النساء: 92]، وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112].
ومن فعيل الذي أريدَ به الكثرة قوله تعالى: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 100 - 101]، وقوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، وقوله: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17]، وقول الشاعر (¬2):
وَمَا ضَرَّنَا أَنَّا قَلِيلٌ ...... البيت (¬3)
فمن حيث كان لفظ الإفراد والمراد به الكثرة في هذا الموضع كذلك أفرد فعيل في قوله: (كبير الإثم) وإن كان المراد به الكبائر.
ويحسن الإفراد من وجه آخر، وهو أن المصدر المضاف فعيل إليه واحد في معنى الكثرة، ألا ترى أنه (¬4) ليس يراد به إثم بعينه، إنما يراد به
¬__________
(¬1) قرأ حمزة، والكسائي، وخلف (كبير) بكسر الباء من غير الألف ولا همزة على التوحيد. وقرأ الباقون (كَبَائِرَ) بفتح الباء والف وهمزة مكسورة بعدها.
انظر: "حجة القراءات" ص 686، و"النشر" 2/ 367، و"الإتحاف" ص 403.
(¬2) الشاعر هو السموأل بن غريض بن عادياء اليهودي، وهو صاحب الحصن المعروف بالأبلق بتيماء.
انظر: مقدمة "ديوانه" ص 67، و"الأعلام" 3/ 140، و"الأصمعيات" ص 82، و"معجم الشعراء الجاهليين والمخضرمين" ص 156.
(¬3) والبيت ورد في "ديوانه" 90، و"الحماسة" لأبي تمام 1/ 80، و"شرح حماسة المرزوقي" 1/ 112، و"الحجة" 6/ 235 والبيت بتمامه:
وما ضرنا أنا قليلٌ، وَجَارُنَا ... عَزِيزٌ، وَجَارُ الأَكْثَرينَ ذَلِيلُ
(¬4) (أنه) زيادة من "الحجة".